أيام الجمعة دافئة
شتائاً ، لطيفة صيفاً ..
الصخب هادئ والشمس
دافئة بلا أشعه والسراب ممتد من السماء حتى شباك غرفتي ..
أيام الجمعة مختلفة عن باقي أيام الأسبوع ..
نستيقظ الجمعة باكراً فطور عائلي صغير تقلي أمي البذنجان تضع عليه قطرات من الليمون ، فول بالزيت الحار ، قطع طعمية بالبيض .. نجلس حول الطاولة فى بيتنا الصغير وعلى صوت الشيخ الشعراوي فى تلفازنا الصغير جداً نتناول الفطور بإنتشاء ..
أيام الجمعة مختلفة عن باقي أيام الأسبوع ..
نستيقظ الجمعة باكراً فطور عائلي صغير تقلي أمي البذنجان تضع عليه قطرات من الليمون ، فول بالزيت الحار ، قطع طعمية بالبيض .. نجلس حول الطاولة فى بيتنا الصغير وعلى صوت الشيخ الشعراوي فى تلفازنا الصغير جداً نتناول الفطور بإنتشاء ..
يوم الجمعة مميز عيد
صغير ولا يتم العيد بدون صلاته ..
ولا يحلو العيد بدون
الكُتاب وحكاوي الكُتاب والشيخ نصر .. -العودة للماضي تشعرني بالدفئ والبراح الذي أصبح
ضيقاً وصدري المتألم والقلب الخاو والحيرة التي تملأ عقلي -
العودة للشيخ نصر الأبهة تطيب
الخاطر ..
متلهفة أأخذ حمام بعد أن أستأذن أمي فى النزول تحت المياه الدافئة ولبس
طرحتها التي تصل لركبتي ولا تكادُ تصل إلى صدرها ، أركض مبتسمه وواثقه إلى المسجد
أصلي ولأني لا أفهم من الخطبة شيئاً ، أستعين بالسرحان أغرق فى الحديث مع الله و أصدقائي ومع بساط المسجد الذي أتذكر إنني لا يجب أن أنظر إليه أو أحدثه ومن المفترض أركز مع الخطبة التى لا أفهم منها شيئاً ، فيأتيني النعاس شيئاً فشيئاً ، ثم أتذكر خوف على "شبشبي" والذي أستودعه الله على رخصه
وقبحه فأنا أحبه وسراً لازلت أستودع أشيائي الله وأحبائي والمقربين، والذين
لا يعرفون أنهم بالقلب سراً أستودعهم ...
تتنتهي الخطبة ونستقيم
فى الصفوف ولكنهم يتحدثون دوماً عن إفسادي لصلاتهم ، ومع إنني أول الحاضرين إلى
المسجد وأول المصطفين الأيادي ترجعني إلى أخر الصف أبكي كمداً وحرقةً وأتذكر قول النبي عن
ثواب وحب من يقف فى أول الصف وأتذكر أن حظي من صفوف الصلاة بيضة .. حسناتي لم
تتعدى البيضة .. "بس يارب مش ذنبي هما إللي رجعوني" .. فتأتي إمرأة
وتخبرهم "دي ماشاء الله كل جمعة هنا وبتصلي مش زي بقي العيال وسعوا لها"
..
ننتهي من الصلاة
والإبتسامات والتحيات، ومن قول حرماً فتمتد يد فى حفاوة تضم يد اخرى تقول جمعاً إن شاء الله ثم ضمة وإحتضان قوي وكأنهم بالفعل ذهبوا للحرم جمعاً .. أهرب مهرولة إلي دار الأرقم والشيخ نصر أتقافظ فى خطواتي .. يبتعد المسجد الذي أصلي به عن مسجد دار الأرقم عدة شوارع بينهم ربع الساعة تصبح دقيقتان فى الشوق الذي يسبقني فى الوصول إلى الدار .
الجمعة عيد لا حفظ ولا
تسميع ولكن حكاية عن عشاق القدوس كما تعود أن يقول ..
الشيخ نصر لا يحب
أستخدام أسم واحد من أسماء الله ولكنه دئماً يذكره بكل أسمائه وكانت طريقة سحرية
فى أن يختر كل منا إسم من أسماء الله المقربة لنفسه وروحه ويذكره به .. وكان الأكثر تكرارا على
لسانه هـو أسم الله القـدوس ..
قبل الحكاية الفاتحـة
لسيدنا النبي .. ويداه مبسوطتان اليمين أقصي اليمين واليسار أقصى اليسار، ثم الصلاة عشر على
الحبيب "اللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا نبي الله قدر مقامك ومقدارك
وقدر لا إله إلا الله" .. مع تراقص رأسه يمين ويسار فى إغلاق عينيه وإبتسامه متيقنه بإنها تراك تجبرك على إغلاق عينك والخشوع فى القراءة
..
سمينا وصلينا يخبرنا
نبدأ الحكاية ...
... ذات الــنــور
...
عفاف من سينا البعيدة
صحرا واسعة وسما على قد البعد قريبة ونجوم عديدة ورمال صفرا ودهب ورجال وجمال ..
نخال طوال ، بلح وتين وعسل ودبس وفخار ..
عفاف بتكبر فى دنيا
فضا واسعة وهادية بعيد عن دوشة وجنان المدينة ..
بيجيهم زوار وعملوا من جبال الصحرا مزار ..
ناس ترقص وناس تسكر
وناس يحاولوا يعرفوا حياتهم الحققية المتدارية ..
متعتها الخفية فى
الخروج بعد العشية والنجوم مواربة شبابكها والقمر لساته هلال .. حصيرة جنب نخلتها
إللي واقفة لوحدها بعيد عن باقي النخال وأبوها سماها على أسمها وقالتله تبقا
عفيفة مش عفاف .. السما فوق زرقة، هلال ونجوم وصحرا ونسمات برد لطيفة ..
وبتغمض عنيها وبتقول
أنا مستنياكم .. لها أصحاب عجب العُجاب أنوار صغيرة تنور وتطفي أصغر من النقطة فى
أخر الكلام .. بيجوا وبيتنططوا حوالين وشها وبين أديها .. وهي بتقول "سبوح قدوس رب
الملائكة والروح" .. جدتها ديماً كانت بتقولها وهي بتضفر شعرها الأسود بلمعته الزرقا
.. وكل ما سبحت زادت الأنوار أنوار تتشكل وترقص ..
الجدة نوال غريبة الأحوال، طول وقفتها بتسبح وفى قعدتها شغالة إبتهال وترد على السؤال بجواب مش هو الجواب بس تلكيكه تذكر بيها أسمه أو كلمه عنه ، وعفاف شايفة وبتلقط وبتسمع ..
فى يومها المفضل من
الشهر وقت إكتمال البدر خرجت صلت سبحت إستلقت على ضهرها جات الأنوار تلاعبها وترقص لها .. بس المرة دي
من بعيد فضلت تجريها تجريها عند النبع، وعند النبع الدنيا على غير العادة دفا وخضار بزيادة وريحة مسك فواحة وفى
الصحرا فراشات ملونة وخضرة وزرع فى قلب الرملة وهمسات همسات بتنده بأسمها وتسبيح ملايكة خافت وإلتفاتات منها على خيلات كتير جنبها ..
على قدر الفضول فيها
هابت وجريت جريت لحد البيت .. وبدأت منامتها تزيد بحر وماية ونور أخضر بيشع من تحت
الماية .. عفاف .. عفاف بتسمع إسمها همس ..
وفى المنام تسمع ذكر كل يوم .. كل يوم له ذكر وأسماء وتسبيح بيجيها فى المنام تصحى مبسوطه ماهي بتحبه لكن هايبة هو أختارها بسر الأذكار دي .. زي ما نوال الجدة كانت بتقول بكرة النور يختارك والأختيار محبة لكن قاسية وبتوه وإللي ماينجحش قلبه يتحير يتعب و يتغير ..
وفى المنام تسمع ذكر كل يوم .. كل يوم له ذكر وأسماء وتسبيح بيجيها فى المنام تصحى مبسوطه ماهي بتحبه لكن هايبة هو أختارها بسر الأذكار دي .. زي ما نوال الجدة كانت بتقول بكرة النور يختارك والأختيار محبة لكن قاسية وبتوه وإللي ماينجحش قلبه يتحير يتعب و يتغير ..
بدأت تسمع أصوات طول
الوقت تنادي إسمها تيجي تلتفت ماتلاقيش والحب عندها بدأ سمع ..والسمع يجي بعده شوف ..
بنت السبعتاشر هتمهم
تمنتاشر والطلب كان أسكندرية وبحر مالح .. وتزور الحبايب وتطل على المرسي بمقامه
الأخضر .. زي ما جاها فى المنام وطلب
وأبوها وافق بسهوله مع إنها كانت بتقول مش معقوله ..
طول الطريق تنام وتصحا
والندا بالهمس شغال والأنوار مش محتاجه ليل بقت باينه ليل و نهار ..
البحر هلّ والشمس
متعامده عليه بيتلألأ زي الدهب .. الشمس سحراها لألأ البحر أكتر من لألأه رملة الصحرا ..
طلت على المرسي سلمت ،
صلت وسألت ربنا "ما تختبرنيش إختبار أفشل فيه وأبعد عنك مش طالبه غير قربك ..
أخاف أفشل فتبعدني وماليش غيرك يساعدني إلل بينا مش مفهوم ولا هو لحد معلوم السر
بينا مختوم ..
عارفة إني جاية لسبب إختيارك يحيرني والقلب تعبان من عجبك وحبك وحيرة إختيارك لعبد ما يستاهلش .. قربني ما تبعدنيش ما تختبرنيش فى حبي لك" .
عارفة إني جاية لسبب إختيارك يحيرني والقلب تعبان من عجبك وحبك وحيرة إختيارك لعبد ما يستاهلش .. قربني ما تبعدنيش ما تختبرنيش فى حبي لك" .
الندا والهمس ساكت
والطريق للبحر على غير العادة سالك ..
فى حضرة البحر الواسع
بتبل رجليها بشوية ماية والماية دافية وحنينة وبتهمس بحاجة مش مفهومة .. "يا عفاف
قربي ظُني خير ما تسبقيش شر وحيرة" .. بتسبح بقوة وإصرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح .. وتغمض
عنيها وبتدور وسط الماية بعيد عن أهلها وعن عيون الناس ..
بتنسحب ببطئ وحنية وفى
لمح البصر بتفتح تلاقيها فى القاع والنفس موجود والقلب مخضوض ..
غرفة فى قلب البحر منورة خضار بتقرب حبة حبة والنور يزيد والمكان يوضح
مقام منور أخضر وشمع كتير لا بيخلص ولا
بتطفيه ماية .. حروف بالدهب مكتوبة خطوط وآيات على الحيط مرسومة "لا تخف ولا تحزن إنا منجوك" ، "يا نور النور قبل الأزمنه والدهور" ، "فنادى ربه ندائاً خفيا" ، "والذين أمنوا أشد حباً لله" ، "القوة لله جميعاً" ، "كلا إن معي ربي سيهدين" ، "قريب مجيب" ، "فكان قاب قوسين أو أدني"
آيات مكتوبه بالنور بتظهر وتختفي بتتشكل بحروف منورة الجدران محفور عليها من نور .. ألوان من الدهب والفضة بتزين الغرفة إللي جواها مقام .. عجب على عجب ..
نظرها بيخترق الجدران وشايفه إللي جوه قبل ما توصله ..
آيات مكتوبه بالنور بتظهر وتختفي بتتشكل بحروف منورة الجدران محفور عليها من نور .. ألوان من الدهب والفضة بتزين الغرفة إللي جواها مقام .. عجب على عجب ..
نظرها بيخترق الجدران وشايفه إللي جوه قبل ما توصله ..
حد بيطوف فى صمت شيفاه من الشباك ..
سكينة مرعبة .. بتقرب أكتر تلاقي سمك حول المقام داير وحوش البحر بتحوم فى سمفونية عشق
خفيفة وطيبة .. سمك بيِسبَح ويسَبح ..
يترى مقام مين ده؟! .. حضرة فى حضن البحر! أصوات ذكر ومدح الحبيب فى وسط البحر حيتان وقروش خاضعة وساجده
فى حضن البحر !!
هو أنا بحلم ؟! ولا أنا مُت؟! وهي دي ريحة بخور بحق؟! وده دخان أبيض فى وسط البحر بجد؟!
بتسمع هواتف متداخله هامسه عشان إتعجبت من خضوع وحوش البحر "إنما هم أمم أمثالكم" ، "كل فى فلك يسبحون" ، "ولله يسجد ما في السموات والأرض" ..
بتسمع هواتف متداخله هامسه عشان إتعجبت من خضوع وحوش البحر "إنما هم أمم أمثالكم" ، "كل فى فلك يسبحون" ، "ولله يسجد ما في السموات والأرض" ..
النور بيزيد .. دخلت تشوف
بقلبها الملهوف فى وسط الرهبة والخوف قالها قربي يا نور قالتله عفاف قالها نور ..
الوش مش متشاف لكنه لبسها خاتم فضي فيه زمردة وقالها مكانش إختبار ولا كانش بُعد ،
فتح الحبايب ..ظني فيه خير وماتخفيش ، مابيخفش عندنا الحبايب ..
-هو مقام مين ده ؟
-إنتِ مش جاية للمقام
إنتِ جاية تعرفي سر وخلاص خدتيه فى إيدك ما تسأليش عن سر تاني ..
-إنت مين ؟
-واحد بيحبه زيك وزي
صاحب المقام
-طب هو إزاي بنتنفس هو
إحنا ميتين؟
-إنتِ ما كنتيش عايشة
قبل النهاردة ممكن تكوني عشتي بس لسه ماشوفتيش ..
مش عايزة تتعلمي؟
-أتعلم إيه ؟!
-طول ما بتردي السؤال
بسؤال يبقا لسه لسه يا نور لسه .. المرة الجاية هتعرفي الجواب !! ظُني فيه خير... ظُني فيه خير ... ظُني فيه خير ...
النور بيخفت بيخفت
وبتبعد بتنسحب ببطئ روحها بنتحدف جواها تلاقي نفسها فى مكانها على لسنها ذكرها ولسه بتدور .. بس دي كانت هناك وتبص
لقبضتها تلاقي الخاتم ..
....
من الدهشة ما بتتحركش
ومن السجود بقت ما بتطلعش .. وبرغم لونها القمحي النور فيها ظاهر ومتشاف ومن بين
حواجبها النور شديد .. عفاف ذات النور ..
جنب نخلتها فى مكانها
أصبح سرها ومكان اللقا .. وعفيفة تشهد .. وكان هدية عمرها الجديد خاتم زمرد ..
الناس حكوا وإتحاكوا عن إللي يزعل ذات النور الخاتم يتوهج ويلاقوا اللئيم إتخرص .. وإللي متعطل إتقضا وخلص .. والناس بيقصدوها بالدعا تدعيلهم من الحب يديلهم .
من لازم النور الـنور
لازمه ..
ـــــــــــــــــــــــ
لما يظل يحكي
لنا الشيخ نصر عن الأنوار؟ وتتبعها؟! وكل حكاويه أشخاص لهم سُبل وأنوار .. "من ذكر
الله الله يذكره .. ومن شكر الله الله يشكره .. فما بالك إن أحببت وإن أطعت؟!
الله يحب عباده أجمعين ولكن ماذا عن المُحبين الذائبين الهائمين .. معذبين بالشوق والصبابة .. الأنوار تخضع لهم تظهر من أفواههم كالشموس من بين أسنانهم .. يصبحوا عباد ربانين يروا بالله وما بالك من راى بالله ، يسمع بالله ويبطش بالله والأرض مبسوطه تحت قدماه خضرة وخضار .. جنة ورائها جنات" ..
الله يحب عباده أجمعين ولكن ماذا عن المُحبين الذائبين الهائمين .. معذبين بالشوق والصبابة .. الأنوار تخضع لهم تظهر من أفواههم كالشموس من بين أسنانهم .. يصبحوا عباد ربانين يروا بالله وما بالك من راى بالله ، يسمع بالله ويبطش بالله والأرض مبسوطه تحت قدماه خضرة وخضار .. جنة ورائها جنات" ..
لم يكف أبداً عن إخبارنا هذا .
ولكن لنكن على يقين من لازم النـــور الـــنــور لازمــه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق