السبت، 3 ديسمبر 2016

فتور

من كثرة عصياني أتوب إلى الله كل ساعة .. خجله .. ولكني أتوب أو أحاول ..
وقبل إنتهاء التوبه تراودني الشكوك مرة أخرى تتراقص أمامي الدنيا بديعة الجمال شهية .. لو كنت رجل لقلت إنها تنحني علي بنهدان شهيان كالرمان وتأخذني معاها فى غيبوبة وقبل أن تقبلني تتركني بلا ثياب على شفا الغرق فى محيط عميق .. 
لكني لست رجلا ولا أعرف كيف أصف تبختر الدنيا من أجلي ووعودها الخارقه الكاذبه .. ولأن الرجال تغريهم النساء والنساء لا تغريهم سوى الأموال أو الحب .. وأنا لا يغريني شيء سوى الجمال ..
فـتغريني الدنيا لأني أحب الحياة ولكنى أخافها فلا أعيشها .. فهي فى قلبي بالتمني فقط .. وأخاف حرماني من الله .. ولأنه عاقبني بحرماني منه .. فنظرت من خلف النوافذ على الدنيا .. فجحظت عيناي وخفق قلبي وأنفتح فمي وسال لعابي على التمني .. 
وأسرعت تائبة من التمني .. ولكن قلبي لازال يخفق ويخفق ويخفق .. لست صافيه إلى الله تماماً ولست عاصية بالفعل ولكني أمنياتي كلها عصيان .. أحلامي كلها إبتعاد .. فأنا الذي تقيأني المسيح من فمه .. فلست فاجرة متمعنة فى الفجور فأهتدي ولست بالنعجة المطيعة الذليلة المتعبدة قياماً وقعوداً فأظل فى ظل الرب مهتديه أنا فاترة ...
أنا الصعبة فى الهداية .. كنت أدعو الله بدعاء النبي وأقف عند هواني على الناس وأتحسر وأتقطع .. ولكني أصبحت هينة عند نفسي ...

أحدث االله "أشكو إليك ضعف قوتي وقله حيلتي وهواني على نفسي" .. ثم أستعيذ وأتوب وأخبر نفسي على الأقل مت وأنا أحاول وأتوب وأخبرني .. كم من توبة كم من ركعة ركعتي كم من دمع بذلتي وكم مرة أرهقتي فؤادك .. هذا الفؤاد بيت دائي يحب الرب أكثر من أي شيء ولكن قاع القلب هناك مس من الدنيا .. أريد أن أحيا وأتذوق من كل نبيذ العالم أتذوق نبيذ الفرح والتحليق ونبيذ احلامي .. 

وبعد التوبة وربما قبل أن أهم بخلع طرحتي من فوق رأسي تعود إلي الدنيا وأنسى وعودي لله .. وأنسى الآية التى فُتح الكتاب عليها دون أن أقلب ورقاته "ألم يأن للذين آمانوا أن تخشع" .. وأنسى البكاء وأعود فاترة .. 
أنا الفاترة صعبة الهداية أنا أعاتب الله .. فيرد "إنك لا تهدي من أحببت" ، فأخبره تحبني ولكن علي أن أبذل أكثر من محبتي ومقاومتي ! أخبره إنني أغضب من بعض الذين يحبونه وهذا لا يجعلني محبه بل غاضبه وحانقه .. يفتح الفتوح ويشرح الصدور ويقيم الحضارات الخضر ويعطي النفحات .. ويوزع من روح الحبيب على أحبته أما أنا ممنوعة محرومة من الوصال ممنوعة من النبي ومن أثره على القلب .. أقتفي أثره ولكن للفاترين أمثالي يمحى الأثر .. يظهر لثانية ويختفي .. يظهر يحسرني ويجعلني أذوب فى التمني ويختفي ..

فأغضب الله وحدهُ الذي يثير الغيرة فى قلبي ربما لا يصح هذا القول ولكن هو واقع بالنفس وتحدثني به نفسي ليل نهار أنني أغير على الله من عباده الأخيار وأغبطهم وأريد أن أكون مثلهم فى المعية ليل نهار .. وحينما أغضب أترك الطريق وأعطيه ظهري عنوة مصره متعمدة وأركض خلف الدنيا على إستحياء لكني لا أقوم بأي تقدم لا فى طريقي مع الله ولا لي عهد مع الدنيا .. كاللذي يصعد على سلم كهربائي يتحرك إلى الأسفل ..

وأعود دائماً أعود .. لكني تعبت وأخاف مرة آلا أعود .. أخبر نفسي لا بأس سوف أتوب كل ساعة لعل مرة تكون هي .. ليست الأخيرة بالطبع فأنا خطائه مغرقة بالعصيان .. ولكن لعل مرة أثبت على الطريق دون زحزحة دون إلتفات حتى وإن غادرني العقل وضاع من الحس وعمي مني القلب سوف أظل على الطريق وكأنني دخلت نفق طويل ولكن سرعان ما أخرج منه لأرى النور مرة آخرى .. وفوقى سماء مرصعة بالكواكب والجنان الخضر ..

وأتوب كل ساعة .. بعد عصيان ساعات .. 
وأتوب كل يوم .. حتى تأتي تلك النصوحة الثابتة .. التي ليس بعدها إلا الهفوات حتى يعفو الرب .. وجعلني حارة لا بالباردة العاصية ولا بالفاترة الميتة بال حارة مستميتة فى الركض عليه .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق