الأربعاء، 7 أغسطس 2013

شنطـة سفـر

لم أعتقد إنني سوف أعد لسفري الذي لن يطول كثيراً -إن شاء ربي- كــل تلك الحقائب ..

وضعت الحقيبة الحمراء على سريري فى مشهد سينمائي وفتحت "دولابي" البني ذو الخطوط الحمراء فنفتحت معهما دون إرادة مني أو رغبة "دواليب" عقلي ووقلبي !

وبالرغم من أن الحقيبة مملوءة مسبقاً ، وإنني لن أأخذ معي الكثير على الإطلاق ولكني في حقيبة عقلي وقلبي بدلاً من أن أتخلص مما فيها أحكمت الإغلاق عليها وأضفت إليها الكثير !

مع أول "بيجاما" أضع غرفتي فــي ذاكرة عيني .

مع"بلوزتي الزرقاء " أضع ملمس يد أخي وصوت زوجته ذلك الصوت الذي يجعلني أستفيق وأنتبه دائماً من حماقات عقلي التى غالباً ما تقـفز إلى قلبي .. وأشدد عليهما في حقيبة عقلي فى ركن حاستي اللمس والسمع .

مع أشيائي الصغيرة "من توك شعري ، والخيوط والإبر" أضع في حقيبة القلب هبــه تلك المنحة الربانية التى لا غناء عن روحها .. بُعدها القريب يؤلم القلب "بالأبر" دون خيوطها فماذا يــا روح عن البُعد البعيد ؟!
وأما عن "توك الشعر" فكانت معهم صديقاتي اللاتي يمسكن القلب كما تمسك"التوك" جدائل الشعر إسراء وإبتسامتها ودموعها ورقتها المختفية بين مرحها ، هدير وصوتها ، منة وطفولتها ، مروة وإنسانيتها وصدقها ونسائم حبها وفاطمة وعيون فاطمة الذي أنُزل من أجليهما الشعر ومودة وكفى بإسمها دليلاً عليها ..
صديقاتي كثيرات لا تغضبن إن لم أذكركن لكن القلب وحده ذاكر وعاكف .

أما عن كُـتبي فوضعت معها خالاتي وبنات قلبي -بنات خالاتي- ووضعت ليالي السهر والإفصاح الصادق الأمن من حكايات عن الأصدقاء عن الأحلام عن الأحبه وعن الفرسان النادر وجودهم !
وسخريتنا من سوء "حظوظنا" التى تجعلنا نضحك ونحن نتصبب دمعاً ، ثم تأخذنا الدموع إلي شهوة الطعام فإذا بنا نسرع إلى مطبخ الخالة الصغيرة صاحبة الروح الضاحكة نُعد ما نلهي به معدتنا ونثقل به أرواحنا .. نُسكِر البطون فتنام العقول من هول الثقُل، فيحين النوم بعد الفجر فتأخذ كل منا واحدة تحكي لها بإنفراد عن ألم ما .. تبكي أحدنا بصوت خفيض في حضن الأخرى إلى أن نستيقظ على صوت تذمر الخاله "العصر يا بهوات منكوا لله "
وضعت التفاصيل كلها وأحكمت الإغلاق .

مع حافظة الأقلام وضعت أصدقائي من الرجال فقط كم كُنـتم رجال معي .. كأكلامي الرصاص لم يخذلني قلم منهم من قبل .

وكلما تذكرت شيئاً تذكرت جدي وأبنة عمتي تلك الشهية الصغيرة المشتهية للحياة نــدى تحية مني إلى ذاتك وجرائتك التي يكرهونها يا "بنوتي" .

ومع إغلاقي للحقيبة تذكرت مالا أنسى هناك دوماً حقيبة للحنين لحُلم بألف حُلم جاء في يوم مـن ألف سنة كم أتمنى أن أتخلص منه على أبواب المطار .. ولكنى أعلم علم اليقين بـأن الألام تـتـكـاثـر على أبـواب الـمـطــارات ..

ولم أعرف بأي حقيبة أضع أبــي بعــد ..

أمــا عن من تحت التراب وأحياء دائماً بجوار أُذني ملامسين روحي أنتم مهما جاهدت فـي الإبتعاد متواجدين كــ جسدي الذي أسافر به !


كنت أظن إنني أسافر لأهرب من الأحزان ، لكني وجدت إنني أســافر لأعتكف لدى الأحزان .



أستودعك يــا قدوس بــلادي وأحبائي .. أستودعكم الملك الرحيم .


هناك تعليق واحد: