الثلاثاء، 24 يونيو 2014

زوجة رجل يأتيه الوحي ..

وقع فى القلب ما وقع .. والوحي أول ما يقع لا محل له إلا القلب ..
أحببت رجل قبل أن يأتيه الوحي .. وأحببته بالرغم من أنه بدأ يأتيه الوحي ..

قبل أن يأتيه الوحي .. كان يأتي لمنزل أبي عيناه لا تبتعد عن الأرض .. لكن إن نظر فإنه يصيب بنظرته القلب .. وكأنه هو القلب متحكم بضخ الدم بالنبضات .. بسريان الروح بالجسد .. نظره خاليه من فكر الجسد .. نظرة قصيرة بعدد ثانيتين تظنها سهواً .. لكنها بعدد السنين .. تلك النظرة التي يقف معها القدر .. يقف معها الزمان .. إنها لحظة إلتقاء الروح بنفسها التي حبست فى جسدين ..

فى المحبة ليس هناك خوف إلا إنني أخاف من أن أفقده .. أحببته ولم أتسائل من منا سابق فى حبه .. 
فى نظرتنا المطولة واقف بيننا الزمان ..

توقفت زياراته لنا .. يتحدث أهل القرى عن عزلته الطويلة أقترب من الأربعين يوماً بين أشجار الغاب .. حدثونا بعض الرحالة أنهم وجدوه يحدث الغزال ينظر له بين عينيه وكأن الغزال إنسان يعرف ما يقول متفهم ليس بحاجة للمنطق حتى يقول ما يفهم ..

وقفوا بالجوار يسألوه إن كان بحاجة إلى المساعدة .. لم يجيب حتى ظنوه شبحاً لم يحرك ساكناً لا هو ولا الغزال ..
يعتكف ليلاً على حصيرته مخاطباً للقمر ناظراً للسماء .. ملئ عينيه قمر .. 

خرج بعد أربعين يوماً ليس فقط نحيلاً وليس فقط مصاب بتلك السمرة التى أثارت فى نفسي أن تضم يدي يداه كي أشعر دفئ سمرتها ..
خرج يحدثنا عن إنه أتاه الوحي .. شئ لم نسمع عنه من قبل .. يحدثنا عن شخص ينظر إلينا من نوافذ السماء يراقب الخير والحق والعدل فينا يأمرنا بالحب .. يضحك الناس .. أبكي أنا .. يلقبونه بالمجنون .. ألقبه بالحبيب .. 
يقيني بحبه ثابت أحبه حد إنني قد أدعمه فيما يدعي بدون علم أو إيمان لأني أحبه ويقيني بما رأيت في عينيه إنه هو الأخر محب ..

يخرج يومياً هو و الغزال صديقه وعصاه ناظراً متبسماً للسماء وتشرق الشمس من ثغره .. لم أستمع لما يقول منه أستمع من أفواه الساخرين الضاحكين .. أصم أذني أبتعد .. وأنظر علني أجد من يراني فى السماء ترى أيعرف إنني أحب رسوله ؟!

وقبل أن يطلب إيماني .. طلبني أن أكون زوجته أكون زوجه رجل يأتيه الوحي !!
أحبه لكن هل فكرت يوماً ما عبئ امرأة زوجها رجل يأتيه الوحي .. ملائكة تتنزل فى بيتها .. شرود زوجها كثيراً .. أن تظن أنه مخاطباً لنفسه بينما يخبرك أنه يحدث شخص آخر بالجوار .. أن يصرخ بأن أبتعدي لقد صدمتي قدم أحد المريدين من الجان .. ما الجان ؟! .. أن يستيقظ ليلاً يركد ليوقظ أحد أبنائه لأمر ما ، لوحي ما .. أن يتركنا لإعتزال أو خلوة بين الجبال أو أمام بحر أو فى الغاب .. أن أشتاقه فيخبرني بإنه صائم عن الجسد وعاكف لدى الروح .. أن أقلق من بطش قوم أُمر بالدعوة فيهم فيخبرني ألا أخاف ويراودي إحساس بإنني سوف أفقده لن أراه ولن أرى عيناه ولا دفئ جسده .. كل ذلك لأني زوجة رجل يأتيه الوحي !!

دعك من هذا كله ..
الحب إيمان ، وأنا لا أعرف كيف أؤمن بما يدعوا ، إن أنا آمنت وصدقت .. مطلوب من زوجة رجل يأتيه الوحي أن تدفع عنه أذى الناس .. ألسنتهم عيونهم سخرياتهم .. 
بالتأكيد سوف يصيبني شك دوماً فى الإيمان ربما شك فى زوجي كيف أدفع ذلك من الظهور فى عيني صوتي حركتي .. الحب دفع السوء .. الحب شجاعة .. أأملك تلك الشجاعة لمواجه جاراتي من النساء الخبيثات ؟ .. لمواجه أعين المارة فى السوق إنها زوجة المجنون الذي يأتيه الوحي ..

فقلت له : حدثني عن البصير الناظر إلينا من نوافذ السماء 
قال : محبه
قلت : ماذا أخبرك ؟
قال : إن إحتجبت فمحبتك لي تظهرني فى كل شئ .. وبكل ما ومن تحب أظهر لك ..
قلت : كيف ذلك ؟
قال : أراه فيكي .. 
قلت : رأيت إنعكاسي فى عينيك .. كما إنني أرى شيئاً دوماً طاغي الوجود ولا أعرف لذلك تفسيراً لكن يقشعر له بدني ..
قال : إنه تجلي له .. سميه ظلاً إنعكاساً .. إنه هو .. حب يظهر فى الحب ..
قلت : إن كنت رسول تدعو للمحبه فأنا أول المحبين المؤمنين ..

الأن أنا زوجة رجل يأتيه الوحي .. كثيراً يرتعش ليلاً أأخذه بين ذراعي وأردد كلمات مولانا .. عن المحبه أقبل جبينه .. ينام زوجي الرسول على صدري .. 
أعاني إفتقادي له حين يختلي بالمولى ليالي طويله بين أشجار الغاب .. لكنه يعود أكثر بهائاً أكثر قرباً أكثر معرفة بما بين ضلوعي .. تلك الضمة بعد الخلوة تزيد إيماني .. أن تتزوجي رجلاً يأتيه الوحي يجعل قلبك فى سجود دائم وحب دائم وصله دائمه بالمولى الناظر من السماء .. أمشي فى الأسواق بين ضاحك وموسوس وهامس .. بقلبي ضحكة الرسول وتجلي المولى فى عينيه لا يثير فيّ ذلك حزناً ..
لكن الألم .. الغيرة .. الخوف يضعفان قوة إيماني .. أشكو له : خائفة أن أفقدك .. خائفة من الناس .. أحياناً أقول لنفسي أنه لا يأتيك شئ أنك لا ترى شئ .. أحياناً أفقد إيماني وأنا زوج رسول ..

-من مميزات الرُسل الإحتضان ليس فقط تلك الضمة الحاضنة القريبة من القلب .. لا .. تلك القدرة على تفهم أمرأة تخبر رسولها أنها يصيبها شك فيه .. يصبح ذلك التفهم حضن يعيد لنفسي الإيمان بزوجي وبالوحي الذي يأتيه وبذلك البصير القادر على منح الحب والظهور به بغير ظهور هكذا-

 كنت أتعجب لتحمل النساء زوجات الشعراء وكبار التجار نكسات أزواجهن فكل منهم رسول لما يعمل أو يقول وحي ما .. خاصة نساء الشعراء .. أن تؤمن امرأة بشاعرها هكذا أن تدعم ما يقول وتحفظه وتردده حتى وإن القوم سخروا مما يردد .. فبإيمانها يتحقق إيمان الناس بشاعرها ..

زوجات الرُسل أول المؤمنين بدونهم كيف تنجح الرسالة .. إيماني وثقتي بزوجي الذي يأتيه الوحي .. دعمي إياه رؤيه الناس لنظرتي لقوله قذفت الإيمان بقلوبهم وآمنوا بالوحي الذي يتنزل عليه .. إنه الحب .. الحب إيمان .. وفى الحب يتجلى المولى.

آمن فيمن تحب وما تحب يتجلى لك .. يحدث أن تنتصر .. يحدث أن يبايعك الناس على أحلامك وأقوالك .. يظهر لك ما نقص من روحك فيمن تحب تقتسم معه ذاتك ..




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق