هل تعتقد مثل الجميع أن البحر ذكراً وليس أنثى ؟!
ذلك البحر دائم الثورة الغاضب الباطش ، أمواج ثورته ترتفع جبالاً ليس ذكراً ولم يكن يوماً مذكراً بل إنه أنثى بكل ما تحمل معانى الأنوثه البحر أنثى ..
ولأنني أيضاً أنثى بكل ما أوتيت من قلب وروح وعقل وجسد ، وأرفض كل ماهو مذكر حتى قلبي يُنطق كــمذكر لكنه مؤنث .. ولذلك أفهم ثورات البحر الغاضبة تلك وأعرف جيداً ما تحتاج تلك الأنثى التى ذكرت نفسها بإنها بحر حتى ظن الجميع أن البحر ذكراً وأضافت إلى قلبها الملح وهى فى الأصل ماء أصل كل شيء حي !!
فلا تُغضب أصل الأشياء فتصبح نكرة تصبح عدم !
حسناً لنغضب اللغة العربية قليلاً وننادي البحر بـ هي وليس هو ونقول تلك لا ذاك .. فتلك البحر أضافت الملح بهاراً حاراً لكل من يقترب منها حماية لها ، على الشواطىء تخدعك وكأنها بحر هادىء لكن أبحر بها قليلاً لترى الثورات وجبال الغضب !!
تلك البحر لم تحتاج مذكراً يبتلعها أو يأخذ من مائها ليحليها لينتج عنها نسخه أفضل وماء محلى ، هي فقط كانت تحتاج مذكراً يغرق بها فترفعه ، لكن كلما قاومت الغرق غرقت ومت بأسوء طرق الغرق فى أسفل وأشد دوامات البحر ثورة وهياجاً !!
وأنا كأنثى بحرية القلب مالحة على أي مذكر أعرف لما تلك البحار غاضبه ثائرة دوماً !!
لأن محبتي تستلزم قلب جريء لا قلب أبله جبان ، قلب محب لا يسأل عن ماضي الأشياء أو كيف تكون الماء الذي خرج منه كل شيء حي أو كل تلك الحيوات !!
محبتي لا تستلزم بحاريين أو سباحين ، لم أحتاج يوماً إلى رجل يريدني بشدة ويعرف إن بحري به من الأسرار والعجب ما به ، لؤلؤ ومراجان وحوريات بحرية ويعرف جيداً إنه لن يستوعب هذا القدر من الكمال والعجب فيسعى كل السعي أن يمتلكني ويملأ من جمال بحري وكمال قلبي قارورته الذهبيه فيكسر ويقلل من شأن بحري حتى يحتويه داخل قرورته -يظن بعض الجهال أن حينما تكسر الأشياء إلى قطع صغيرة قد تحتويها وتسيطر عليها وتدخلها إلى قرورتك أو إنائك- ، فأخض له ،
أنا بحر والبحر لا يسجن فى قارورة !! وكل من فعلها غرق فى قلب بحري ولم ينجو حتى وإن رمت إحداهن له طوق نجاه وأخذ يد العون المؤنثه الأخرى فقد تشبعت روحه بملح بحري وعاش غريقاً في لكنه يتنفس هواء غيري !!
البحر يحتاج أن تدخله بقلب غريق ليس هناك من داع أن تعرف حتى كيف هي السباحة ، تدخل البحر خالعاً نعليك وأنت تعرف بإنك إن دخلت ليس هناك من مفر أو عودة وحينما تسلم نفسك للغرق يعشقك البحر فيرفعك أعلى أمواجه ويستكين ويهدأ حولك ويدللك بأرق الأمواج حتى تبتسم حينها فقط يمتلك الغريق البحر بكل ثورتها وغضبها تهدأ حول الغريق ..
فتصبح بحد ذاتك كملك البحار بوسيدون ملكت عظيم البحر الثائرة المتخبطة الغاضبة لخوفها لتدفع عن عن نفسها الضر .. غيرك دخل بقلب غير قلب الغريق فتم إغراقه حقاً أسفل سافلين وكل ما قاوم كل ما أغرق .
وهناك نوعاً أخر من محبي البحر الجبناء !!
نوع يعرف بعظمته ويجله ويبجله عند كل نهر وينبوع وقطره مطر يتحدث عن جميل تلك البحر لكنه لم يفكر يوماً أن يبلل حتى قدميه قرب تلك البحر ،، والبحر على قدر حبها للغرقى هي تكره الجبناء ، البحر تحب الغريق الشجاع .. وليس المبجل باني المعابد الذي لم يفكر حتى فى ملامسه قدمه لماء البحر !
بين سباحين وبحارين يتمنون حبس البحر بقرورة وبين جبناء يتمنونه دون محاولة ، وهذا الفريق وذاك يعرفون كم أن البحر تلك ساحرة فريدة مليئة باللؤلؤ والحوريات وأن من ينال قلب البحر فقد نال كل شيء لكن حقاً من قادراً على إبتلاع البحر ؟!
فلنخبرك بسر البحر .. البحر لا تحب سوى الحوت هــو الوحيد القادر على إبتلاعها هو حقاً ليس أضخم منها فى الشعور والثورات ، لكنه يعرف كيف تآتي هي تلبس طوق مرجان حول رأسها وعيناها البلورتين تلمع وتفتح يداها أقصى اليمين وأقصى اليسار بإبتسامتها التي يعشقها ليبتلعها بكل رضا وتسكن وتستكين بداخله !!
البحر تحب الحوت لأنه يعرفها جيداً فهي دون أن تخبره شيئاً يستكين لديها يآتيها على إستحياء كــ هــر مدلل يدور ويخرخر حول قدميها يطلب بعض الحب فتنزل البحر بكل جمالها وعليائها لتأخذه على قدميها وتقبله على جبينه وتلعب له فى رأسه الصغير !!
نعم الحوت مخيف وربما قبيح قليلاً لكن قلبه مليء بها إزدهر وأنبت من مالح مائها فكيف لا تعشق البحر ذلك الحوت ؟!
الحوت يعشق البحر والبحر تعشق الحوت يعرف متى وكيف يبتلعها ويعرف متى يمشي بجوارها أو داخلها ،، لذلك كثيراً ما نجد مواسم تنتحر بها الحيتان لأن البحر قد أختارت واحداً بالفعل فتمتلك قلوب الحيتان الحسرة من جمال تلك السمفونية النادرة بين البحر والحوت الفريد فيسبحون حتى الشاطئ منتحرون ..
البحر تبتلع الجميع لكن الحوت يبتلع البحر ،، الحوت يعيش بأعماق البحر والبحر تدخل فى ثناياه تدخل فى الحوت تملأ جسده وروحه بأكمله !!
لسر لا يعرفه سوى الحوت البحر تخاف من نفسها البحر تخاف الغرق لأن البحر لا تعرف كيف تعوم لذلك لا تغرق نفسها أبعد من الشاطىء ولا ترتفع إلى السماء فقط تغوص وتغوص فى الأعماق فيحتضنها الحوت ويبتلعها ثم من أحد فتحاته يقذف بعض منها إلى أعلى لتستنشق بعض الحياة وتعود إليه وتعود إلى نفسها .. فهو منزلها دوماً ما تعود إليه وهي سكنته فهو لا يستطيع أن يتنفس بعيداً عنها !
إذن فالبحر مؤنث جميل .. والبحر لا تعرف كيف تعوم .. والبحر تخاف الغرق لكنها تعشق الغرقى .. وحين تحب لا تحب سوى الحوت .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق