الأربعاء، 8 أبريل 2020

فتى البارات المؤمن

ما أحال بين الفتى وبين قلبه ..


فى حياة عادية وأيام مملة لا تخلو فيها من تكرار الفعل، وتكرار نفسك ، فى قديم الأزل كان أو فى هعهدنا الحالي  يتشابه الناس وتتكرر الحكايات ..

لكنه كان عظيم البنيان ، ضخم وعريض الكتفين، ليس بالقبيح حد الدمامة ولا هو بالوسيم شيء ما بالمنتصف كاحياته الغريبة التي هي دوماً فى المنتصف ..
إن أنت أحببته وأخترته صديقاً  فهو الطيب الذي يحاول بجهد أن يقوي إيمانه ويدفع الماضي بالندم ، وإن كرهته فهو فاسق يعرف بوجود الله لكن الهوى أضعف قوته وأضعف بنيان جسده الضخم الطويل ..

وكان دوماً هناك "هي" هي بطلة ، أميرة فتاة عادية دوماً فى كل القصص يجب أن توجد هي حواء كانت أو علياء ..
هي كانت فى المنتصف بين المؤمن الطيب والشرير الفاسق كانت تراه وتعرف ما يعتريه من صراع بين إقتسام قلبه الطيب الذي ينهشه ذئبه وشيطانه الداخلي ..

كانت تعرف ذلك الصراع الإنساني فى تحدي الذات ؛ فتارة تظهر فى عينيه لمعة حزينة ، تعرف تلك اللمعة إنها لمعة أهل الله المؤمنين الطيبين، وتارة فى عينه اليسرى ترى وميض الشيطان إبليس يظهر ويختفى ..

إن تحدث أصبح حسن الكلام والأسم فتعرف أن العين اليمنى متحكمة الأن بالشخص الطيب ، وتومض ومضة سريعة فى اليسرى ليصيبه الشرود وما يلبس بعد ذلك الشرود القصير إلا وقد حضر إبليس فيصبح هيمن ..

حسن هيمن أحمد المؤمن الفاسق الذي يدور فى المنتصف ..
ضحيه علا كما يقول هو ، فهي التى قدمته قربان للشيطان ما إن خلعت عنها رداؤها فضعف فيه الجسد فأنصهر معها وكانت الأولى فى الحب وفى خلع الرداء، ثم كعادة الحيات كما يقول هو تخلت عنه فأدمن مجالس الشيطان حتى بعد أن هجرته ولم يدرك يوماً أنه الإختيار هو ما رماه فى تلك الخانات .. كان كل شيء محض إختياره ولكنه أحب دور الضحيه وأستضحى ذاته فى سبيل إرضاء ذئبه الداخلي ..

فخانته الحبيبة وخانته عيناه فأحب الفاسقات والبارات وغرق بعينيه الطيبة منبع الإيمان فى بئر أشد ظلمه من حوت يونس ، وبئر يوسف ..

وهو لم يكن يوماً يونس فما نجاه الله فى بحر ظلمته ولم يكن فى يوم يوسف حتى وإن تبين له برهان ربه فكل مرة تهم به يهم بها .. وما تنقضي له حاجة .. ولا يرتاح له جسد ولا يطيب له فراش .. كيف يرضيك حب بأجر ؟

لما حسن يلجأ إلى الله دوماً فى الخفاء أما هيمن يلجأ إلى الشيطان علناً ؟
ولما يختراني أنا ليحل بي أزمته؟ فإن تجليت له كملاك تنقصه خبرة الحياة أستخدم هيمن حسن ليغوى في نفسي الطيبة محبته ويغويني بالإيمان فأحب الحسن وأنوي تأديب هيمين ، فإن أمنت بجنة بالعين اليمنى أغرقني الكفر فى العين اليسرى ..

ولأني أنا أبنه الثانية والعشرون صغيرة كما يقول ويخبرني علياء أنتِ جميلة وأرقى من أن تتسخي بي .. أخاف عليكي يا قليلة الخبرة !

وأتسخ قلبي بمحبته ورحل بكل إيماناته وكفره إلى باراته التي لم تبره يوماً وتركني بقلب متسخ بحبه وحديث قليل وعمراً قصيراً بيننا .. أبن البارات البار لكأسه وكأسه لم يبره يوماً .. 

كيف للإيمان أن يكون جباناً هكذا أم أنه لم يكن يوماً هناك إيماناً وإنني حمقاء لايزل بإمكاني أن أؤمن بأشياء خفية لا وجود لها !!
كقلوب خضراء وعيون صادقه ولمسات خاليه من الجسد 
حسن هيمن أحمد عالق مابين نفسه ونفس أبيه بين الملاك و الشيطان المؤمن والفاسق 
فتى البارات الممل يأمرهم بالبر بينما الكأس بين يديه وكأس من النساء بين شفتيه ، كيف جرؤت يا حسن ؟!

ولما أخترت أسم أبوك تحيا به حياته التي عذبتك قديماً و عذبتك كثيراً !!

محب الصخب وموسيقاه الميتل ،وسيد ألوانه الأسود لأنه يضفي عليه مظهراً غامضاً وحتى لا تتدلى منه تلك البطن المقسومة إلى نصفان بشكل غريب مثير للسخرية والاشمئذاذ، و بردفان متدليان على كل جنب بمنتهى الكسل ، فتلك الشخصيه المليئة بالغموض والعصيان لا يليق بها هذا الجزء من الجسد فألسود يخفي ذلك الجزء القبيح منه ..

الوجه قاس كعادة شخصه وخُلقه، فخلقته أيضاً مقسومة إلى وجهين بنصف هادئ وجميل وبشرة صافية، والنصف الاخر بشرة بها أثار لبثور قديمة وقليلاً من أختلاف لون البشرة، أما الفم فكما هو جميل وممسوح بأسنان تميل إلى الصفرة وطابع حسن بارز وغير بارز يتجلى مع المؤمن أكثر مما يتجلي مع الفاسق .. هناك ايضاً أنف غير متناسق مع الوجه والشخصية صغير على تلك الضخامة وطيب مع تلك الشراسة ، وعلامات يطلقون عليها "حسنات" ويسميها هو ذنوب تملئ وجهه ، وواحدة كبيرة جاره فمه فهي ما أحتست العنب المعصور وتخمرت بقبلات النساء فأختذلتها فى شكل "حسنه" لتذكره بما كان يستمتع به وأصبح عادة مملة يعطش إليها ولا ترويه ولا تشفيه لا تنسيه لكن تغرقه أكثر فأكثر فى اودية الحزن ودومات لا تنتهي تشعل بصدره النيران ولا ترميه فى حضن علا أولى تجاربه ولا تعيد علياء إليه .
دوماً خاسر فى لعبة الحب والسيدات أنت يا حسن لست بحسن دوماً واقف بين البينين أترى يوم الحساب ستترك على الأعراف؟ لأنك كنت دوماً جبان تخاف أن تنحاذ لأحداك تخاف الإنحياذ لشرك أم طيبتك ، تختار علا أم علياء ، تختار البارات ام المساجد تختار أن تكون كما نادتك هي قلباً وقالباً حسن فتحب علياء أم كما يندوك عاهرات الليل هيمن فيولد إبليس من رحمك الخالي وتوبخهن وتلتصق بأجسادهن كريهة الرائحة أكثر فأكثر فتتعفنوا سوياً بعطن من كل العطور غير معروفة الهوية رخيصة كأجساد صاحبتها يخرج من أفواهكم دود قبلات مقذذه ..

علياء أخبرته إنه يعتصر قلبه مع الخمر المعتق ، يعصر كل شيء ظناً منه إنه يصبح كأجود أنواع الخمور إن تعتقت ، عتق إيمانه بإخفائه حتى فقده إلا قليلاً منه ، عصر روحه فخنقها حتى ثقل وزن الجسد وإختفت الروح التي تأمره بالإيمان وعصر جميلته علياء ليعتق فى جسده لمسات علا ففقدهما فكانت علياء الجميلة وكان هو الوحش ولكن على عكس الجميلة والوحش ..
فالقصة الأصلية تخبرنا إنه كان وحش دميم المظهر رقيق القلب أما وحشنا هذا قد يكون به بعض الجمال فى المظهر مع سمرته الجذابه وعينيه المحيرتان بين الكفر والإيمان ولكنه دميم الخُلق سيء الطباع لا يروض كصاحب القصة الأصلية ..

فى بداية معرفته بالجميلة كان يظن أن النساء كلهن بطبع واحد عاهرات حتى صاحبات العفة والخلق الرفيع بنات أحسن العائلات، كانت جميلة قصيرة تظهر خصلات شعرها الذهبي من تحت طرحتها الحريرة عيون واسعة وجمال خفي ، أعجبت حسن كما شدت فسوق أيمن ليدخلها عالمه وينتقم من علا فى جسدها البار الطاهر، ولكنها أحبت الإثنين فيه ، صدق حسن الإيمان بها وكذب هيمن إدعائتها كلما إلتقيا بها تصارعا حسن وهيمن بداخله ، حسن يترفق بها ويحنو وهيمن يعاملها كما يعامل فتياته الرخيصات وهي بين الأثنين فى شخص واحد مملوءة بالحيرة والصراع أعلى وجهه بين صمت وشرود وكلمات خاوية بلا معنى ..

طاهره الجسد جامحة الخيال طيبة القلب مؤمنة آمنت به ولم يؤمن بنفسه فهلك ..

إن آمن بك أحدهم وأهم بمحولات معك لإصلاحك إن أردت خسارته فأخسره ولكن إياك وإبعاده بلؤم ..
وقد كان خسرها بسكين غير حاد "تلم" ببطئ فى القلب وسرعة مؤلمة .. 

بعد تلك المتاهات والعمر القصير الذي مر أصبحت تتجلى إيمانته أسفل كؤوس الخمر كيف يآتى الإيمان بأنجس الأماكن هكذا كان يقول :"نفسي رجس من عمل شيطان، ومع ذلك مازال يتجلى بي صدق الإيمان"، وينتشي بكأسه فتأخذه سكر وسكرات كأهل العشق وتصبح الحانة مقام وقبلة ذاكر والكأس ذكره !!
فيخاف فيهرع بالتوبة بعد كل كأس وفي قبلته يتفوه بكل كفر فيهم بالسجود لرب شيطانه وكأسه فيزيده السجود كفراً وغضباً وحباً للمولى متناقضات كثيرة فلا كأس يشفيه من الألم والحزن ولا عبادة وذكر تريح جسده من إشتهائته وبإمكانه الإختيار ولكنه فى المنتصف بين البينين ..

وحيد منحاز لأسم أبيه الشيطان ومتجاهل الحسن فيه ،ولكنه ما بين حسن وهيمن يجب أن يختار فختار يا هذا ما بين الماضي بعلا التي عرفتك على جسدك وفتحت صدرك ونفسك للنفس، وبين الحاضر علياء التي عرفتك على قلبك وفتحت روحك على سبيل السماء دون أن تمسها فقط بصدق قولها  ..
تختار بين الجسد والروح أختار بين الكأس والقبلة ..
اختار يا حسن فأنا لطلما أستحسنت حسن وفضلت الحُسن فيك .. فإن لم تختار فالأعراف تجعلك تنتظر هناك إلى الأبد .. حتى ينظر الله فى أمرك يا هذا .. فأختار 
فقد أخبرنا إنه قد يهدي من يشاء ، والمشيئة كثيراً تآتي من الله ولا محالة قد تأتي منك فتشاء أنت فيشاء الله فتهتدي فعد إلى الحسن يا حسن .. 

تبدأ القصة حيث يجد فتى البارات شيخه فى الحانة بعبائته البنيه وعمماته الخضراء بين صخب الموسيقى الماجنة والعاريات من النساء وفاحش القول ، يستمع كلا من حسن وهيمن إلى صوت الذكر فيضرب الشيخ بعصاه يمين فتتحرك رأسه يمين وكانت الكلمة الله ثم يضرب بالعصاه يساراً فيتحرك رأسه يساراً وكانت الكلمه رحمن فأقبل يا عبدالرحمن ، وتجلت هي بصمت إلى جوار الشيخ تارة هي الشيخ وتارة تخرج من عبائته ..
أترى هذا حلم أم إنها سكره من سكرات العنب المعتق هذا ؟! 

يتبع ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق