تسألني لما ؟! حقاً تتسأل ؟
سوف تغضبك الإجابة قليلاً ثم ترضيك لأنك رجل
أحمق كجميع الرجال تمثل لديكم الهزيمة إنتصار .. لكنها لم تكن يوماً هزيمة ولم يكن
يوماً إنتصار !
حسناً لنرى
ماذا علي اخبارك أأخبرك بإنني بعد أن أديت
الصلوات الخمس ، وطقوس التنظيف اليومية وإطعام أهل البيت ، حتى إطعام الجراء
وسقاية الزرع وممارسة الرياضة ، الكتابة و القراءة بعض التأمل ومن ثم مشاهده جميع
المسلسلات .. أشعر بالإسترخاء إلى حد كبير والسعادة تتسلل إلى نفسي على إستحياء ..
وأفكر فى عملي فى الصباح .. وبعد الأعمال الشاقة التي تجنبني الخوض فيما لا أحب ..
ثم تضرب الطبول فى رأسي تقرع بشدة، أعرف صوت
تلك العاصفة وأعرف ما يآتي لاحقاً إنه أنت تآتي تدخل متسللاً من أبعد ركن فى عقلي
ذلك الركن الذي أحكمت إغلاقه طوال اليوم بأنشطة ، رقص، غناء، صلاوات، ذكر، لعب حتى
بإفتعال المشكلات مع أهل المنزل الصغير .. أيام العمل ربما تآتي أو لا تآتي لكني
أخاف العطلات وها نحن ذا !!
تآتي بمنتهى التبجح وتنظر إلىَ داخل رأسي
بعيني مبتسماً إبتسامة ثقة وكأنك هزمتني ثم تحتضنني بشدة تؤلم أضلعي تعتصرني أكثر
منه إشتياقاً فأنت تنتقم مني لماذا ؟ لا أعرف لكن هكذا أنت .. وكلما قاومت وأغلقت
عيني وطردتك خارج عقلي تعتصرني بقوة أكبر أكثر فأكثر .. لا فائدة من المقاومة ..
فأرخي قبضت عقلي وأرخي يدي لتتسلل مجدداً من
أركان عقلي إلى أضلعي لتستقر طوال الليل بقلبي وتقرع الطبول مرة أخرى ما بين غضب
ولوم لنفسي ..
لقد صنعت وحشاً لا يأكل سواي وحشاً من وجه أحد
مألوف قد رحل بعيداً ومن وحل أفكاري بنيت لك قصراً مهجوراً إلا من العفن وكلما زاد
العفن زادت قوتك فلا فرق بينك وبين العفن ، وأنت تتغذى على حطام عقلي وضعف قوتي ،
حينما تخور قوتي لا تنهش بقيتي فتقضي علي إنما تذهب إلى أقصى الأركان فى عطن قصرك
وتنتظرني أجدد قوتي وأستعيد نشاطي ، لتعود هكذا ليلاً أو حتى وسط الجموع وإنك قاس
وبارد كصاحبك الأصلي الذي صنعتك منه ، تحب أن تأتي بينما أنا تحت الأضواء أو حينما
يحملق أحدهم فى قلب عيناي ما إن فعل أحدهم هذا فقد السيطرة على عقلي وتحتل جسدي
وتأكل من أحبتي من تأكل .. تتلبسني كشيطان غاضب بكل تبجح وغيرة كأبليس تأكل كل من
سولت له نفسه بأن يتغزل في أو يقترب مني ..
لذلك أحلتني لما أنا عليه الأن وحيدة بمحض
إختياري، حفاظاً على أحبتي، فبدلاً من أن تأكل صدور أحبتي تركتك تأكلني وحدي ويبدو
إنني أكفيك .. فأنا سريعة التجدد وكل يوم أحاول النجاة وذلك يجعلك أكثر قوة لتلاحق
فريستك ..
كيف تتحول من حلو المزاق ، رقيقاً أحياناً
إلى وغد هكذا ، حتى إنني ما عدت أذكر صاحب القصة الأصلية الذي كنت عليه والذي أخرجتك
منه ، لم يبقى من شخصه سوى وجهه وجسده لأشكل أنا الشخصية على ذلك الوجه كما أحب
ولكني ما إن بدأت فى خلقك وجعلتك لعبتي ما إن حقاً بعثت فيها الروح وأصبحت الدمية
قاتلة أكثر مما ينبغى ولتعيش يا وحشي يجب إطعامك وأنا أطعمك بإطعام فكري بشهوة
ذكرك ، الأفكار تعجبك كثيراً وأنت تأكلني كل ليلة بلا هواده أو رحمة ..
لقد مللت من أن تأكلني حية كل ليلة، وأيضاً
مللت من ليالٍ أسيطر عليك وتصبح فيها رقيقاً طيب القلب حتى أكاد أصدقك فتأكلني
طيباً كنت أم قاسياً ..
كتلك الليالي تذكرها ؟
افعل ما بوسعي
لأجنب ذاكرتي من العبث فى زواياها والبحث عنك كنت
أهرب لكتاب ذو
سبعمائة صفحة وأخبر نفسي كتاب كبير كان ليعتبره مملا لن يآتي ويقرأه فهو لا يحب المماليك
ولا يملك طاقة لسبعمائة صفحة ، فلقد كان يمل مني، يمل من الاحاديث يمل من الكتابات،
لن يآتي ..
أفتح كتابي وأغرق
بين الصفحات ليل نهار حتى أتت زينب بطلة القصة يحتضنها المملوكي ، فسمعت أحدهم يطرق
باب غرفتي ولم ينتظر جوابي بالدخول ، فدخلت دون إذن ابتسمت لي واخبرتني أكملي قراءة
فأنا مستمع جيد ، لم أنظر إليك فلقد خفت أن تعبث بي وبعقلي ..
جلست الى جواري
تستمع إلي أسرد قصص المماليك بصوت عال وانا تعبت من الجلوس فأستلقيت قليلاً لأجدك
مستلقي إلى جواري فضممتني بزراع واحد وانا أنظر إليك، أتتني الحيرة ولا أعرف ماذا
ستفعل بي أرجوك أخرج من رأسي .. تضمني بقوة أكثر الان بكلتا زراعيك .. وانظر إلى وجهك
بكل علامته لم تنقصه علامة واحدة -حتى بكل تلك الغلظة والقسوة لازلت أراك جميلاً ،تحمل
ملامج رجل بدائي ولكني لم أحب مظهرك ولم أحب شخصك والله لا أدري ماذا أحببت هناك
بذلك الكيان المظلم ؟!- ..
وتخبرني
حبيبتي أكملي القراءة أحب صوتك ، وأكمل قراءة حتى يغلبني النعاس بين يديك لأستيقظ وانا
اعلم انك لم تكن هنا البارحة حقاً وأن خطة هروبي من شهوة ذكرك وحيرة اسبابك تحولت إلي
جسد وواقع ملموس كلما هممت أن أتغلب عليك بكتاب ما ، تغلبني بقسوة رقيقة كنت هنا
وأنت لم تكن هنا يوماً !
أقسم أنني لن أنهي
الكتاب وأرميه إلى جوار كتاب تافة أهديتني إياه ولم أمسه إلى اليوم ؛
يجب آلا تغلبني
أنت وذاكرتي ، لن أقرأ الكتاب الذي يحضرك إلي حياً مماليك أنت لا تحب المماليك !
ذلك الكتاب يحضرك وينسيني حتى إنني غاضبة منك وعليك، لكن تعلم ماذا أحنس بقسمي
وأنهي الكتاب فى ليلتين حتى أطيل النظر إليك وأنت على الكرسي المقابل لي تستمع
بإنصات وإبتسام .
أشاهد أفلاماً
أعلم أنها ليست المفضلة لديك فأنت واقعي ممل، وكأنك رجل دبلوماسي شديد المكر
كثعبان، ذو شعر ابيض وجسد ممتلىء وعقل رزين ، ولم يكن شعرك أبداً أبيض بل أسود
بسواد تلك الليال الباردة .. فأشاهد كل ما هو عكسك لأجدك خلفي تشاهد بإنصات .. تمسح
دمعي عند كل مشهد ضياع أو موت أو حتى فراق ساذج .. وتضحك معي وتنظر في عيني كأننا وحيدين
في هذا العالم .. وتشرب معي من كوب الشاي مع حبات الياسمين التي تكرهها تشربها معي
من نفس الكوب ، وأستبدل حبات الياسمين بالنعناع حتى لا تشربها فلاربما لا تأتي،
وأيضاً تأتي لتشرب من نفس الكوب شاي ثقيل الظل مثلك وتأكل حبات النعناع وأنا
أختلقت كونك لا تحب شاي الياسمين لأنني لازلت لا أعرف عنك الكثير !!
أتحب الشاي مع
حبات الياسمين ؟!
ماذا بك تآتي جميلا
كمالاً عكس ما كنت عليه ، بل أفضل بكثير ، أكثر بهائاً وإكتمالاً !!
صنعتك كما يجب
أن تكون أفضل بكثير حتى مما تريده لنفسك ، فلم أعرف عنك الكثير ..
أهرب وأهرب منك
أفعل كل ما تكرهه كل ما يعتبره رجل شرقي مثلك إهانة لشرقيته وخطأ فادح تهتز له
الأصول الذكورية ، أفعله بصدر رحب .. فألبس كالرجال ، وأودع تلك التنورات والفساتين
حتى شعري أربطة دائماً واقود دراجتي إلي العمل أبادل رجال الأمن على مداخل
البوابات النكات وكأنني الشاب الذي قد يثير انتباهي كفتاة ! ، ولا أبالي للأراء
الذكورية حتى التي أقتنع بها تجدني دوماً ضدها وأنا فقط ضدك أنت ..
ومع ذلك تآتي
بكل بجاحة تآتي ! أهرب إلي الموسيقي والغناء فتارة ترقص معي وتارة تغني لي ومعي ..
بصوتك الذي سحرني أكثر من وجهك .. حسناً كان الصوت الذي سحرني والأن وقد تلاشى لما
بقيت أرجوك تلاشى كصوتك !!
أستمع لموسيقى
أعلم أنها ليست بلونك المفضل وأنها تزعجك كثيراً وبين الصخب والغضب أراك تلبس
الأسود، قميص أسود وتهز رأسك فى إعجاب بالموسيقى التي لا تعجبني ولا تعجبك ، كيف
أخرجك شيطان كنت منذ إلتقينا وشيطان لازلت بعد أن أبتعدنا ماذا بك ؟ لما الأوغاد
يظلون أوغاداً فى قرب أو إبتعاد ؟
ماذا بك أو ماذا
بي لعنه حبيب لم أحبه إلا حين أبتعد، حين تلاعب بجدران عقلي !!
وماذا عن تلك الذاكرة
السخيفة التي ما إن عبرت رائحة طيبة جلبتك لي واضحاً مجسم بطول سنتيمتراتك ووسع ضحكتك
التى نادراً ما كنت أراها، وصوتك الرخيم ، مابال ذاكرتي تعلق
بين الروائح والأصوات ؟! فهذا أكثر ما يجذبني ويخلد فى ذاكرتي ، عندما غادرت الجدة
منذ أكثر من خمس وعشرون عاماً لازلت أشتم رائحتها وأسمع صوتها كوميض ضوئي لكنه ضوء
داخل أذني !! وصدقني لن أحتملك داخل جلدي ولا أذني أكثر من ذلك أنت غير مرحب بك
أرحل ..
أتعلم ما أفعله أيضاً لتجنبك ؟
لأنني آراك فى كل المارة فى الشوارع والأزقه
أجلس لأستريح فى مقاهي رخيصة أعلم جيدة انها لا تعجبك على الأطلاق فأنت متكلف ،
وأراهن نفسي أنك لن تأتي أنا حتى أستحي أن أجلس وسط هذا القدر من العفن والحيوانات
المارة ونظارات المتسائلين ممن حولي فأنا لا أشبة الفتايات اللاتي يجلسن على تلك
المقاهي ، وتآتي بحذائك الممزق لتشبههم وتتحدث عن الإشتراكية التي لا أحتمل الحديث
عنها أو عن أي هراء قد يتحدثون عنه لإثبات مدى الثقافة والتفتح ، ولا هي ثقافة ولا
هو تفتح هي حيلة صنعها أوغاد ليصل رجال تلك المقاهي لإعتلاء أجساد الفتايات تحت
شعار الإشتراكية تشارك حياة تشارك مال تشارك جسد فتشارك سرير عهر تام ، ومع ذلك
تتحدث مثلهم وأغضب منك فأدفع ثمن قهوتي التي شربتها وعلقت على مدى بشاعتها، وأنظر
إليك فى غضب وأرحل لأرك فى عجوز يأكلني بعينيه، وأراك فى طفل يود أن ألعب معه ،
وأراك فى فتى مزقته حبيبة راحلة ويتمنى فى حزن لو أصبح حبيبتة الجديدة لأصلح له ما
فسد فى قلبه ، لكنه لا يدري إنك تعيش بداخلي تتغذى علي تأكل شتات روحي وتنظم الفكر
بداخلي لتأكلني من خلاله .. لا يعلم إنه لدي وحشي الخاص ..
لا يعلم أن زهرة مشرقة بالصباح ، شاردة وسط
النهار ، يمزقها ثعلب شرس بلعاب يسيل فيقطع جسد فكرها بأسنان حادة ولا يلتهمها حد
الموت ولا حد أن يكسرها فقط جروح لتشفى منها فى ليلة أو ليلتين ليستمتع بأكلها حية
كل مرة ...
أعرف ما تسعى إلي لكني لن أسمح بهذا ،
الزهرات يحببن الشمس وأنت مظلم فليكن إن كنت تخاف من ضوء النهار فلا يمكنك
الإختباء فى هذا الركن بعد الأن لأني أزهر بداخلي من شمسي الخاصة وذلك مصدري
المتجدد من الطاقة ربما أحترقت كثيراً فأخمدت النيران نوري ولكني دوماً ما أتجدد
وأزهر كزهره تتبع الشمس والأنوار ، ما بالك إن كنت أنا مصدر النور وكنت أنا الشمس
فأستعد للرحيل قبيل أن تحرق بالنور .. والنور غير قاتل سوف يدخل إلى أظلم بقاعك
ويحيلك من نار إلى نور ، من قبو إلى حديقة من قاتل متسلل إلى نبي صالح ..
أعرف كيف أضيء نوري وأعرف كيف أمضي حتى وإن
تعثرت كثيراً سوف أستمر بالمضي .. مشياً جرياً زحفاً لا يهم المهم أن نمضي ..
أنا أكتب أترى هذا وأبتسم .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق